حل قضايا القتل عن طريق التحري العلمي
الحقيقة في بعض الاحيان قد تكون اغرب من الخيال ..
او ربما تكون اشبه بقصص افلام السينما العالمية .. لكن لكل قصة عبرة..
لمن اعتبر .
خذ على سبيل المثال، قصة السيدة باتريسيا ستولينجز(.Patricia Stallings).
هذه السيدة ادينت بقتل طفلها الرضيع وحكم عليها لتقضي باقي ايام حياتها في السجن .
ولكن تبين فيما بعد البراءة لها ، وذلك بفضل التحري الطبي من قبل ثلاثة باحثين مثابرين وبفضل جهودهم المضنية والمستمرة .
بدأت القصة في صيف عام 1989 عندما جلبت السيدة ستولينجز طفلها والذي له ثلاثة أشهر من العمر،
والذي يدعى ريان،( Ryan ) الى غرفة الطوارئ في مستشفى الكاردينال غلينون والخاص بالأطفال في سانت لويس.
كان الطفل تعاني صعوبة في التنفس، واضطرابات في المعدة لا يمكن السيطرة عليها مع التقيؤ المستمر، وانقباضات في المعدة. وفقا إلى الطبيب المعالج، وخبير السموم، في أشاره الى الأعراض التي كانت واضحة على الطفل أنه قد تم تسميمه
بمادة اسمها :-( جلايكول الإثيلين) هذه المادة وكمركب من مركبات مضاد للتجمد،
وهو الاستنتاج ألمتأكد على ما يبدو من التحليلات في المختبرات التجارية .
بعد تماثله للشفاء، وضع الطفل في الحضانة حيث كان يمكث ، واما السيدة ستولينجز وزوجها السيد ديفيد،
كان يسمح لرؤيته مرة تحت المراقبة ..
ولكن عندما أصبحت حالة الطفل مزرية و ازدادت سوءا ،
وتوفي في وقت لاحق، بعد زيارة في التي كانت قد تركت السيدة ستولينجز وحدها معه لفترة وجيزة ،
وجهت إليها تهمة القتل من الدرجة الأولى والذي عقد ت لها المحكمة دون كفالة.
في ذلك الوقت، كان الراي العام او المزاج المحيط بها بدا ضجرا فعلا من فعلها ...
بدا أن أدلة دامغة كافية لا دانتها ,كما ان التحليلات المختبرية على حد سواء التي اجريت في المختبرات التجارية ومختبر المستشفى كلها وثقت العثور على كميات كبيرة من (جلايكول الإثيلين )في دم الصبي
وكذلك وجدت آثار له في زجاجة الحليب التي استعملتها السيدة ستولينجز في ارضاعه ..
حين قامت بتغذية ابنها خلال الزيارة. ولكن دون أن يعرفوا ذلك،
السيدة ستولينجز قامت بأشبه بالتجربة المثيرة .,والمريرة في آن الوقت ..
أثناء وجودها في السجن، هي تعلمت درسا من مرض ابنها الاول
في السجن كانت هي حامل، وقررت انها لن ترضع الابن القادم ان ولدته ...
و إنها بعد ذلك حدثت لها الولادة وولد لها الابن الثاني ، ديفيد ستولينجز الابن، في فبراير 1990. هو
وعلى الفور ارسلته الى الحضانة ، ولكن خلال أسبوعين بدأ ظهور أعراض مشابهة للأعراض التي ظهرت على الابن السابق ريان.
في نهاية المطاف تم تشخيص ديفيد مع حالة نادرة من حالات الأيض يسمى اضطراب احمضاض الدم الميثيل(methylmalonic acidemia) وتختصر ب
(MMA). هذا المصطلح يعني اضطراب مرضي ناتج عن حالة المتنحية الوراثية لعملية ايض الحمض الأميني
هذا المرض المسمى MMA يصيب حوالي 1 في 48000 في الاطفال حديثي الولادة ويعرض أعراض متطابقة تقريبا مع تلك
الناجمة عن التسمم بمادة ال جلايكول الإثيلين.
السيدة ستولينجز لا يمكن ان تكون قد سممت ابنها ثانية لان الابن، كان بعيدا عنها ..في حضانة المستشفى ..
ولكن كان مكتب المدعي العام في ولاية ميسوري لم يتعجب من التطورات الجديدة...
وقرر الذهاب قدما في محاكمتها على أي حال.
فإن المحكمة لم تسمح بتشخيص الـــ MMA الطفل الثاني الذي قدم كدليل للبراة ،
في شهر يناير (كانون الثاني) من العام 1991 وأدينت السيدة باتريشيا ستولينجز بتهمة الاعتداء باستعمال السلاح القاتل
وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
من جهة ثانية كان للقدر موقفا من هذه القضية الغريبة فعلا ..
لحسن الحظ بالنسبة للسيدة ستولينجز، ومع ذلك، فهناك الدكتور ويليام سلاي ،رئيس قسم الكيمياء الحيوية والجزيئية استاذ علم الأحياء في جامعة سانت لويس،
ومعه جيمس شاوميكر ، رئيس مختبر فحوصات التمثيل الغذائي في الجامعة نفسها .
وحصلت السيدة ستولينجز على اهتمام الاستاذة حول قضيتها الغريبة عندما سمعوا
هذا الموضوع من البث التلفزيوني. يقوم السيد شاومايكر على الفور بأجراء
تحليل الدم الخاصة من الطفل ريان (المتوفي او الضحية ) وكشف التحليل انه لم يكن يحدد اي وجود لمادة
الإيثيلين جليكول.
ان السيد مايكر والسيد سلاي واتصلوا بالسيد بييرو رينالدو، خبير أمراض التمثيل الغذائي في كلية الطب بجامعة ييل . حيث ان مختبر كلية الطب مجهز بتقنية لتشخيص الـــــMMA من عينات الدم .
وجد السيد رينالدو عند تحليله مصل الدم للطفل ريان ، وجد تركيزات عالية من حمض الميثيل، وهو
نواتج تحلل من الأحماض الأمينية متفرعة السلسلة (الحامض الاميني آيسولوسين )وحمض أميني أساسي اخر هو (الفالين )، والتي تتراكم لدى مرضى .MMA
لأن الانزيم الذي يجب يحوله إلى المنتج التالي في المسار الأيضي , فيه عيب .اي ان الانزيم لا يقوم بعمله فتتراكم نواتج التحلل بشكل حامض الميثيل دوم ان يتقدم المسار الايضي .
على وجه الخصوص يفصح عن، كما يقول السيد رينالدو ، ان دم الطفل والبول العائد له يحتوي على كميات هائلة من (الكيتونات)، هي اخر نواتج المسار الايضي (التمثيل الغذائي) وكنتيجة نهائية لهذا المرض.MMA
السيد رينالدو مثله مثل السيد شاومايكر ، ولم يجد أي (جلايكول الإثيلين) في
اي عينة من سوائل الجسم المأخوذة من الطفل. كما ان الزجاجة التي ارضع بها الطفل لا
يمكن اعادة اختبارها ، لأنها كانت قد اختفت في ظروف غامضة...........!!!
. السيد رينالدو في كل تحليلاته مقتنع تماما ان ريان قد مات نتيجة من الاصابة بمرض MMA،
وليس من التسمم بمادة (جلايكول الإثيلين) والتي تمت الادانة بموجبها ...
برزت هنا مشكلة حقيقية وجدية وربما هي العقدة الرئيسية في القضية برمتها ..
ولكن كيف يمكن حساب النتائج من كلا المختبرين ، الاول الذي اكد أن الصبي كان (جلايكول الإثيلين)
في دمه وهو سبب الوفاة ؟
يمكن أن يكون كل من النتائج لكلا المختبرين كانا على خطأ؟
عندما حصل رينالدو على تقارير المختبر الذي اعتمدته المحكمة ، ما ان رأى النتائج، حتى صرخ قائلا " ان امر مرعب". حقا
أحد نتائج المختبرات الواردة اكدت ان ريان ستولينجز يحتوي دمه على تراكيز من مادة "جلايكول الإثيلين،
حتى وعلى الرغم من ان تحليل عينة من الدم لا تتطابق مع الملف المختبري (طريقة العمل ) الخاصة لعينة غليكول الإثيلين المعروفة " اي ان التحليل كان غير دقيق وغير مستوفي للمعايير الطبية في التشخيص لمادة ("جلايكول الإثيلين )
لم يكن الامر مجرد مسألة الشك في التفسيربل تعدته الى اثبات كون جودة تحليلهم غير مقبولة "،
حصل السيد رينالدو. على تقرير تحليل المختبر الثاني؟
وفقا لرينالدو، أن التحليل كان غير طبيعي وغير منطقي . حيث المركب في دم ريان ويفترض " كان "جلايكول الإثيلين" فقط .!!!
هكذا شكك السيد رينالدو بمصداقية مختبرين اثنين اعتمدا في القضية ..
الاول كانت فحوصا غير مطابقة لتحليل مادة (الكلايكول الاثلين )والاخر حدد هذا المركب فقط ...دون سواه ..
المسالة الاخرى هي التحليل الذي اجري على زجاجة الرضاعة والتي اثبتت وجود هذه المادة السامة ..الزجاجة غير موجودة ..ولا يمكن اعادة تحليلها ..مطلقا ..لكن هناك فرصة لإعادة تقييم التحليل ونتائجه للعينات المأخوذة من هذه الزجاجة ...
العينات المأخوذة من الزجاجة وفق المعطيات الاخيرة ما كانت لتنتج أي شيء غير عادي، وفي أسوء الاحوال لا يمكن ان يكون مادة الكلايكول الاثلين لانها لاوجود لها في انسجة دم المتوفي ...
ويقول رينالدو، إلا أن المختبر ادعى ان هناك دليل قوي على وجود مادة ((جلايكول الإثيلين)) فيها أيضا.
قدم رينالدو استنتاجاته إلى المدعي العام في القضية، جورج مسيلروي، الذي دعا في مؤتمر صحفي
في اليوم التالي للغاية. " نفسها "
قال السيد رينالدو للحضور أنا لم أعد أؤمن بالبيانات التي قدمها المختبرالى المحكمة
، "وقال للصحفيين. وقد خلصت إلى أن ريان ستولينجز توفي بالمرض الوراثي MMA وهي ناتج عن تهجين وظهور الاليلات المتنحية من الاباء ...
بعد كل شيء، المدعي العام جورج مسيلروي اقتنع بالحقائق التي قدمها السيد رينالدو
ونفى جميع التهم الموجهة لباتريشيا ستولينجز وعادت الى الحياة من جديد .
كل هذا تم بفضل فريق من الاكاديميين الذين تطوعوا طوعا ودونما طلب من اي جهة ,للبحث في ملابسات القضية ..
وكانت النتيجة ..ان افرج عنها في 20 سبتمبر 1991
تعليقات
إرسال تعليق