الجريمة لا تفيد


«الجريمة لا تفيد»

 ونعرف أن هذا المثل حقيقي، ولكن هل ندرك فعلاً كم هي درجة صدق هذا المثل، وإلى أي درجة لا تفيد الجريمة، نعلم أن معظم من يقترف جريمة يتم القبض عليه عاجلاً أو آجلاً، ويُلقى به في الحجز، وبعد القبض على المجرم يتعرض للمحاكمة التي تنتهي بإصدار حكم ضده بالسجن إذا ثبت أنه مذنب، ولا يمكن للحياة أن تعود بعد أن يقضي مدة عقوبة في السجن إلى ما كانت عليه قبل ذلك، وإنما تتغير بلا رجعة، طبعًا إلى الأسوأ.
ومع هذا فليس ما ذكرته آنفًا وحده هو الضرر الوحيد الذي ينجم عن مقارفة جريمة أو الخروج عن القانون، فإذا ارتكبت جريمة فحتمًا ستبدأ بعدها مباشرة في الشعور بالقلق: هل رآني أحد؟ هل اكتشف أمري أحد؟ ربما لا يحدث شيء في الأيام الأولى بعد ارتكابك جريمتك مباشرة، كثيرًا ما سمعنا عن مجرمين لم يتم القبض عليهم والتوصل إلى حقيقة ما اقترفوه من جرائم إلا بعد مرور شهور على واقعة ارتكاب الجريمة، ولكن مجرد الخوف من القبض عليك كفيل وحده بأن يؤدي بك إلى مشاعر ستحرمك من الاستمتاع بأي صورة من صور السعادة، أو حتى مجرد هناءة الحياة الطبيعية، ستمتلئ حياتك بالقلق والتوتر، كلما رن جرس التليفون أو طرق أحد على الباب سيمتقع وجهك، ربما سيكون عليك دائمًا أن تختلق الأعذار لتتجنب لقاء شخص ما، أو التواجد في مكان ما بسبب ما صنعت! سيكون النوم صعبًا، إذ إنك ستجد نفسك تتقلب في السرير تتقاذفك الأفكار السوداء، والشعور بالذنب، إنها حياة في منتهى السوء والألم، هناك العديد من المشاكل والأحداث التي ستسبب لك الألم نتيجة لاقترافك جريمة.
تخيل يوم يعرف أهلك ما صنعته، قد يحتفظون بحبهم لك، وربما سامحوك وغفروا لك ما فعلت، ولكنهم لن يعاملوك أبدًا بنفس الطريقة التي اعتادوا على التعامل بها معك من قبل، ولن تعود علاقتك بهم إلى ما كانت عليه من قبل، كيف ستتحمل مواجهة أصدقائك بعد أن يصلهم الخبر؟ وبأي وجه ستقابلهم؟ ماذا لو تم القبض عليك؟ أتدري أنك ستتعرض للتحقيق مرات عديدة، سيكون عليك أن تجيب بالتفصيل عن نفس الأسئلة مرات ومرات في المباحث، ومحاضر الشرطة، وأمام وكيل النيابة، ومن محاميك، وأمام القاضي في المحكمة، ستؤخذ بصماتك، ويتم تصويرك حاملاً رقمًا لتحفظ هذه الصورة في سجلات الشرطة، هل تتخيل الشعور المؤلم الذي ستشعر به حين توصد عليك أبواب زنزانة؟ لقاءاتك مع محاميك تختلف تمامًا عما تراه في مسلسلات التليفزيون، إنها تتم في أجواء فظيعة تضاف إلى مشاعرك الأليمة ثم تبدأ المحاكمة، وربما اجتذبت جريمتك وسائل الإعلام التي ستجعل من فضيحتك مادة لجذب قرائها.
بعد أن تنقضي مدة العقوبة، ربما تجد من أصحاب الأعمال من يتفهمون الظروف، ولكن الغالبية منهم سيفضلون عدم التعامل مع «شخص مثلك»، لن يكون من السهل عليك أن تحصل على فرصة عمل، أو أن تجد من يحب أن يبيعك أو يشتري منك أو يتلقى منك خدماتك، بعض معارفك القدامى سيتخلون عنك، وربما ابتعد عنك بعض معارفك الجدد حين يخبرهم أحد بحقيقة أمرك.
إن عواقب ارتكاب الجريمة وخيمة جدًا، ستودي بك إلى أوضاع مأساوية حزينة، قد تتمكن من أن تثبت للجميع أنك قد صرت شخصًا يستحق الثقة، قد تتمكن من تجاوز آثار الفضيحة التي حلت بك، ولكن الطريقة الأفضل والأسهل والأبسط هي ألا تورط نفسك في ارتكاب أي جريمة أو مخالفة للقانون من البداية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سند لأمر Promissory Note

الناس بالناس والكل بالله

علم ما وراء النفس الپاراسايكولوجي Parapsychology

شرلوك هولمز

صلح وَسْتفاليا

ذو القرنين - أحد الملوك الأربعة الذين حكموا الأرض كلها

الأبوين

الرهن

حل قضايا القتل عن طريق التحري العلمي